African Development Bank Group (AfDB)
  • المحتوى الإعلامي

  • صور (2)
    • إن طواحين الهواء وأنظمة الطاقة الشمسية التي تدعمها مجموعة البنك الأفريقي للتنمية تعمل على جلب الطاقة المستدامة إلى أكثر المناطق النائية في القارة
    • والي شونيبار هو مدير الحلول المالية وسياسة الطاقة وتنظيمها في البنك الأفريقي للتنمية
  • الجميع (2)
المصدر: African Development Bank Group (AfDB) |

الحاجة الماسة للوصول إلى الطاقة في أفريقيا: خريطة طريق لتحقيق الرخاء (بقلم والي شونيبار)

ABIDJAN, ساحل العاج, 2025 يناير 17/APO Group/ --

بقلم والي شونيبار 

في مختلف أنحاء أفريقيا، تشرق أشعة الشمس بقوة وتكثر الموارد الطبيعية. ومع ذلك، تكمن قضية ملحة تهدد بعرقلة نمو القارة وازدهارها، وهي الافتقار إلى الوصول إلى الكهرباء الموثوقة والمستدامة. وبينما نستعد للقمة الأفريقية للطاقة، التي ستعقد يومي 27 و28 يناير 2025، في دار السلام، تنزانيا، لا يمكن المبالغة في أهمية معالجة احتياجات أفريقيا من الطاقة. فبدون الطاقة، لا تستطيع أفريقيا تحقيق تطلعاتها التنموية وتولي مكانها الصحيح في المقام الأول عالميا. وهذه القمة تشكل خطوة حاسمة نحو إطلاق العنان لإمكانات أفريقيا الهائلة وتمكين شعوبها. 

الواقع الصارخ لفقر الطاقة وقطاع الكهرباء في أفريقيا 

اليوم، لا يزال نحو 600 مليون أفريقي، أي ما يقرب من نصف سكان القارة، يعيشون دون إمكانية الحصول على الكهرباء. وبالنسبة لهؤلاء الأفراد، تشكل الحياة اليومية صراعاً يضيئه ضوء مصابيح الكيروسين الخافت أو همهمة مولدات الديزل المتقطعة. وهذه الحلول المؤقتة ليست مكلفة فحسب، بل إنها ملوثة أيضاً، وتديم حلقة الفقر والتدهور البيئي. وبالوتيرة الحالية للكهرباء ومع النمو الديموغرافي السريع في أفريقيا، فإن عدد الأشخاص الذين لا يحصلون على الكهرباء سيظل دون تغيير إلى حد كبير ما لم نتخذ إجراءات جريئة وفورية.  

وما يجعل هذا التحدي ذا أهمية في أفريقيا هو أن قطاع الكهرباء واجه على مدى عقود عديدة العديد من التحديات المتشابكة التي تشمل على سبيل المثال لا الحصر، معدلات الوصول المنخفضة، ونقص الصيانة، ونقص الاستثمار، والتعريفات غير العاكسة للتكاليف، والإعانات الباهظة، ونقص الاستدامة المالية. وتعاني أغلب المرافق العامة في أفريقيا من ضائقة مالية ــ فهي تكافح لتغطية تكاليف التشغيل ولا تستطيع تمويل النفقات الرأسمالية المطلوبة للحفاظ على عملياتها، الأمر الذي يضطرها إلى الاعتماد على الإعانات العامة. 

وفي الوقت نفسه، فإن أغلب التمويل المتاح لمشاريع الطاقة اليوم يأتي بالعملة الصعبة، وهو ما لا يمكن أن يستمر دائماً لأن السكان المحليين يدفعون ثمن خدمات الطاقة بالعملات المحلية، الأمر الذي يؤدي بالتالي إلى عدم تطابق العملة الناجم عن تقلب العملات المحلية مقابل العملات الصعبة الدولية. فضلاً عن ذلك، تخضع السلطات التنظيمية للتدخل السياسي في أغلب البلدان الأفريقية، وهو ما يؤثر على عملية اتخاذ القرار والقدرة على تنفيذ السياسات التي تدعم التنمية القطاعية على المدى الطويل. 

وأنا أؤمن بشدة بأن أفريقيا لن تحقق تطلعاتها الإنمائية في غياب القدرة على الوصول إلى الكهرباء الموثوقة والميسورة التكلفة والمستدامة. ويشكل الوصول إلى الطاقة حجر الزاوية في التحول الاقتصادي، وفتح الفرص للتعليم والرعاية الصحية والمساواة بين الجنسين وتوليد الدخل. وهو شرط أساسي لخلق مستقبل أخضر وقادر على الصمود، حيث يصبح الفقر من مخلفات الماضي. 

المهمة 300: رؤية جريئة صوب المستقبل 

استجابة لهذه الحاجة الملحة، أطلقت مجموعة البنك الأفريقي للتنمية والبنك الدولي وشركاء آخرون مبادرة طموحة تُعرف باسم "المهمة 300". وتهدف هذه المبادرة إلى توفير إمكانية الوصول إلى الكهرباء لـ 300 مليون أفريقي بحلول عام 2030. والمهمة 300 ليست مجرد رقم؛ بل تمثل حياة متحولة واقتصادات منتعشة ومجتمعات متمكنة. 

وتركز الخطة على تسريع عملية الكهربة من خلال مزيج من امتدادات الشبكات وحلول الطاقة المتجددة الموزعة، مثل الشبكات الصغيرة وأنظمة الطاقة الشمسية المنزلية المستقلة. وهذه الحلول فعالة بشكل خاص في الوصول إلى المناطق الهشة والنائية حيث تكون البنية الأساسية التقليدية للشبكة غير عملية. وتستكمل هذه الجهود بالاستثمارات في توليد الطاقة ونقلها والربط الإقليمي وإصلاح القطاع لضمان أن يكون إمداد الطاقة ليس موثوقًا به فحسب، بل وبأسعار معقولة ومستدامة أيضًا. 

الشراكات والإصلاحات: مفاتيح النجاح 

لن تنجح المهمة 300 إلا بالجهود الجماعية للحكومات وأصحاب المصلحة من القطاع الخاص والشركاء الدوليين. ويتعين على الحكومات أن تقود الجهود من خلال تنفيذ إصلاحات حاسمة لجعل قطاع الطاقة أكثر كفاءة والمرافق أكثر قوة. وتشكل عمليات المناقصات الشفافة والتنافسية لسعة توليد الطاقة الجديدة، إلى جانب آليات استرداد التكاليف للمرافق، أمرا ضروريا. وسيتعين على الهيئات التنظيمية الاستجابة بالسرعة والابتكار المناسبين للبقاء على استعداد للاستجابة للبيئة التكنولوجية والتجارية المتغيرة بسرعة. ويتعين على الحكومات وشركاء التنمية تضخيم الدعوة إلى تجارة الكهرباء الإقليمية لتسهيل التحول بعيدا عن نموذج المشتري الفردي فضلا عن السماح بالتكامل المستدام للطاقة المتجددة المتغيرة (VRE) في الشبكات الضعيفة للمساعدة في تشكيل مسارات التحول في مجال الطاقة في البلدان الأفريقية. 

إن مشاركة القطاع الخاص تشكل أهمية بالغة في معالجة تحديات الطاقة في أفريقيا، خاصة في ضوء النمو السكاني السريع في أفريقيا والحاجة إلى زيادة الاستثمار. ويؤدي القطاع الخاص حاليا دوراً حيوياً في توسيع نطاق الوصول إلى الطاقة المتجددة، خاصة من خلال حلول الطاقة اللامركزية، وهي المنطقة التي تواجه فيها المشاريع التقليدية على نطاق المرافق قيوداً بسبب قيود البنية الأساسية. وفي الوقت نفسه، يتعين على بنوك التنمية المتعددة الأطراف والمنظمات الخيرية أن تكثف جهودها لإطلاق العنان لرأس المال الخاص لقطاع الطاقة من خلال أدوات التمويل المستهدفة، وأدوات تخفيف المخاطر، والمساعدة الفنية، والدعوة إلى السياسات. 

إن صندوق تسريع المرافق الفنية الذي تم إطلاقه مؤخراً، يشكل خطوة واعدة في هذا الاتجاه، حيث يقدم المساعدة الفنية للحكومات ويساعد في تبسيط العمليات لتحقيق أهداف المهمة 300. 

لحظة حاسمة: القمة الأفريقية للطاقة 

تمثل القمة الأفريقية للطاقة المقبلة لحظة محورية للقارة، إذ ستجمع هذه القمة، التي تستضيفها حكومة جمهورية تنزانيا المتحدة والاتحاد الأفريقي ومجموعة البنك الأفريقي للتنمية ومجموعة البنك الدولي، رؤساء الدول وخبراء الطاقة وقادة القطاع الخاص لتمهيد الطريق نحو الوصول الشامل إلى الطاقة. 

وفي القمة، ستقدم العديد من الحكومات الأفريقية مواثيقها الوطنية للطاقة، التي تحدد التزاماتها بالإصلاحات والإجراءات القريبة الأجل لتحقيق أهدافها في مجال الطاقة. وستعرض هذه المواثيق الاستراتيجيات والشراكات المبتكرة التي يتم نشرها لتعزيز الوصول الشامل للطاقة بطريقة موثوقة وبأسعار معقولة ومستدامة. كما ستسلط القمة الضوء على الدور الحاسم للشركاء الدوليين مثل مؤسسة روكفلر، والطاقة المستدامة للجميع (SEforALL)، والتحالف العالمي للطاقة من أجل الناس والكوكب (GEAPP)، الذين يحشدون الموارد والخبرات لدعم هذه المهمة. 

والجدير بالذكر أن القمة ستكشف النقاب عن بعض التزامات الإنفاق الجديدة والمبادرات المبتكرة المصممة لتشجيع البلدان الأفريقية على تعبئة المزيد من مواردها المحلية لتمويل الطرح السريع للبنية الأساسية للطاقة الخضراء في جميع أنحاء القارة. 

لماذا الآن؟ 

إن التقارب بين الاختراقات التكنولوجية والرقمنة ونماذج التمويل المبتكرة يجعل هذا هو الوقت الأكثر ملاءمة لمعالجة تحديات الطاقة في أفريقيا. إن تحقيق المهمة 300 لن يضيء المنازل والشركات فحسب، بل سيقود أيضًا التقدم في التعليم والرعاية الصحية والمساواة بين الجنسين. وتمثل الطاقة النظيفة مفتاح التنمية المستدامة، وستعمل على خفض الانبعاثات، وتعزيز الرفاهة، وتقوية توليد الدخل والشمول المالي في مختلف أنحاء القارة. 

وبينما نجتمع في دار السلام، دعونا نتذكر أن الوصول إلى الطاقة ليس مجرد تحدٍ فني؛ بل هو ضرورة أخلاقية. ومن خلال العمل معًا، يمكننا تحويل مشهد الطاقة في أفريقيا، وبالتالي خلق مستقبل أكثر إشراقًا وازدهارًا لملايين الأشخاص. 

دعونا نجعل من المهمة 300 نقطة تحول، ودعونا نتأكد من أن الاتفاقيات الثلاثة عشرة التاريخية التي تم توقيعها هذا الأسبوع، تفتح الطريق نحو إضاءة بقية قارتنا. 

زعتها APO Group نيابة عن African Development Bank Group (AfDB).