African Development Bank Group (AfDB)
  • المحتوى الإعلامي

  • صور (1)
    • "العلاقة بين الصراع والاستدامة: منظور أفريقي" (بقلم الدكتور الحمدو درسوما)
  • الجميع (1)
المصدر: African Development Bank Group (AfDB) |

"العلاقة بين الصراع والاستدامة: منظور أفريقي" (بقلم الدكتور الحمدو درسوما)

أبيدجان, ساحل العاج, 2024 يوليو 2/APO Group/ --

بقلم الدكتور الحمدو درسوما.

الهدف من هذه المدونة هو تسليط الضوء على العلاقة بين الصراعات والاستدامة في أفريقيا، وتفكيك العلاقة وتسليط الضوء على القضايا الرئيسية المطروحة، مع تقديم مفهوم المعلومات البيئية لأجل الاستدامة (environmental intelligence for sustainability) كإطار تحليلي لمعالجة مخاطر الاستدامة في حالات الصراع على القارة.

 مقدمة

تشكل الصراعات المسلحة تحديات كبيرة أمام التنمية والاستدامة، مما يؤدي إلى التدهور الاقتصادي، والتفكك الاجتماعي، والكوارث الإنسانية، والأضرار البيئية. وتشمل هذه التأثيرات على الموارد الطبيعية مثل الحياة البرية والمناطق المحمية والمواقع البيئية الحيوية والنظم البيئية الطبيعية الأخرى. وقد تكون هذه الآثار غير قابلة للإصلاح أو تستمر لفترة طويلة بعد انتهاء الصراع، مما يعرض جهود التعافي وإعادة الإعمار للخطر. وتم الإبلاغ عن آثار النزاعات المسلحة على البيئة والموارد الطبيعية لأول مرة على نطاق واسع خلال حرب فيتنام عندما تسبب القصف الأمريكي لسدود النهر الأحمر في فيضانات كبيرة ومجاعة واستخدام العامل البرتقالي، وهو مبيد أعشاب قوي استخدمته القوات العسكرية الأمريكية خلال حرب فيتنام للقضاء على غطاء الغابات والمحاصيل. وقد أظهرت الصراعات اللاحقة، مثل حرب الخليج عام 1992 التي أدت إلى حرائق النفط الكويتية، وحرب البوسنة وتدمير السدود في كرواتيا، والتدهور الهائل للغطاء النباتي وتآكل التربة الناجم عن الحرب الأهلية السورية، الأضرار البيئية الواسعة النطاق التي خلفتها الحروب.

وفي أفريقيا، أعاقت الصراعات المسلحة بشدة جهود التنمية والاستدامة. ولا تواجه القارة صراعات داخلية فحسب، بل تواجه أيضًا تداعيات الصراعات الخارجية مثل الغزو الروسي لأوكرانيا، التي تهدد بعرقلة التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030. والصراعات المسلحة مسؤولة عن مجموعة واسعة من الأضرار البيئية مثل المجازر الواسعة النطاق والاتجار غير المشروع بالحياة البرية والأنواع المهددة بالانقراض، والاستغلال المفرط للغابات، وتدهور المناطق المحمية، وإلقاء النفايات العسكرية الخطرة، وتدمير الأراضي الزراعية، وتسمم المياه، من بين أمور أخرى.

تصور العلاقة بين الصراعات والمناخ والاستدامة

يتصور المجتمع العلمي العلاقة بين الصراع والبيئة من خلال ثلاثة أبعاد:

  • البيئة كسبب للصراعات المسلحة: ندرة أو وفرة الموارد الطبيعية يمكن أن تؤدي إلى الصراعات. فالندرة يمكن أن تؤدي إلى المنافسة وعدم المساواة، في حين أن الوفرة، وخاصة الموارد القيمة مثل النفط والمعادن، يمكن أن تؤدي أيضا إلى إثارة الصراع. ويؤدي ضعف الحوكمة والقدرات المؤسسية إلى تفاقم هذه المخاطر.
  • البيئة ضحية للصراعات المسلحة: كما هو موضح أعلاه، تؤدي النزاعات المسلحة إلى أضرار بيئية مباشرة وغير مباشرة، ونزوح بشري وما ينتج عن ذلك من أزمات إنسانية تزيد من تدهور البيئة الطبيعية.
  • البيئة كوسيلة للحرب: تاريخياً، تم استخدام البيئة بشكل استراتيجي في الحرب، مثل تدمير البنية التحتية أو التلاعب بالظروف الجوية. ومع ذلك، هناك مؤخرًا تحول نحو دمج الاستدامة البيئية في الاستراتيجيات العسكرية، كما رأينا في العديد من البلدان التي تتبنى ممارسات التنمية المستدامة داخل قواتها المسلحة.

وعلى الصعيد العالمي، هناك إطار تنظيمي دولي بشأن حماية البيئة في حالات الصراع، بما في ذلك اتفاقية عام 1976 بشأن حظر الاستخدام العسكري أو أي استخدام عدائي آخر لتقنيات التعديل البيئي (اتفاقية التغيير في البيئة، ENMOD) التي تحظر الاستخدام العدائي للبيئة كوسيلة للحرب. والبروتوكول الأول لعام 1977 لاتفاقيات جنيف عام 1949 التي تحظر بشكل مباشر الأضرار البيئية أثناء النزاعات المسلحة. وقد تم وضع مبادئ وقواعد عرفية عامة أخرى، بما في ذلك المبادئ التوجيهية الصادرة عام 1994 عن لجنة الصليب الأحمر الدولية فيما يتعلق بحماية البيئة الطبيعية بموجب القانون الدولي الإنساني. وتوجد أحكام مماثلة أيضًا بموجب القانون البيئي الدولي، مثل الميثاق العالمي للطبيعة لعام 1982 الذي يعلن أنه "يجب تأمين الطبيعة ضد التدهور الناجم عن الحرب أو الأنشطة العدائية الأخرى"، ومبدأ ريو رقم 24 لعام 1992 الذي يعترف بأن "الحرب بطبيعتها مدمرة للتنمية المستدامة" وأنه "يجب حماية البيئة في أوقات النزاع المسلح". ولهذا السبب أيضًا، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر 2001، يوم 6 نوفمبر يومًا عالميًا لمنع استغلال البيئة في الحروب والصراعات المسلحة. ويشار إلى هذا اليوم أيضًا باليوم العالمي لحماية البيئة خلال الحروب.

العلاقة بين الصراع والاستدامة في أفريقيا

تستضيف أفريقيا نحو 20 في المائة من الصراعات العالمية، التي لها عواقب وخيمة على الاقتصادات الوطنية والمجتمعات والنظم البيئية. وفي الوقت الحالي، تؤدي آثار الصراعات المسلحة الأفريقية، إلى جانب تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا، إلى تحويل الموارد من أولويات التنمية إلى الإنفاق العسكري، وتراجع النمو الاقتصادي، وانخفاض الإنتاج الزراعي، والتسبب في انعدام الأمن الغذائي وارتفاع التكاليف. وعلاوة على ذلك، فإن الهجرة القسرية بسبب الصراعات تزيد الضغط على الموارد الطبيعية، مما يؤدي إلى المنافسة والمزيد من الصراعات بين المجتمعات. وفي مناطق مثل منطقة الساحل، تؤدي الصراعات إلى تفاقم الفقر، وقضايا الحكم، والكوارث البيئية. بل إن المنطقة أصبحت مركزاً عالمياً للتطرف، مع وقوع عدد كبير من الوفيات المرتبطة بالإرهاب والترابط المعقد بين تحديات التنمية البشرية والأمن والاستدامة.

وبما أن الصراعات المسلحة في أفريقيا تؤدي إلى نزوح الميزانية، فإنها تجبر الحكومات على إعطاء الأولوية للأمن على التنمية والاستدامة. وتعيق هذه الحلقة المفرغة التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتقوض الجهود الرامية إلى تعزيز التنمية المستدامة.

واستجابة لذلك، تهدف خطة الاتحاد الأفريقي لعام 2063 ومبادرة "إسكات البنادق بحلول عام 2020" إلى معالجة هذه التحديات، على الرغم من انقضاء المواعيد النهائية الأولية المحددة لها التي لم تحقق أهدافها على النحو اللائق.

معالجة العلاقة بين الأمن والاستدامة في أفريقيا

إن معالجة العلاقة بين الأمن والاستدامة أمر بالغ الأهمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في أفريقيا. ويتمثل التحدي الرئيسي في عدم وجود إطار تحليلي مناسب لفهم هذه العلاقة. ولذلك تم تقديم مفهوم المعلومات البيئية لأجل الاستدامة كإطار لتحليل مخاطر الاستدامة المرتبطة بالنزاعات المسلحة. ويعتمد هذا المفهوم على الأطر الحالية مثل تخطيط السيناريوهات، وتقييمات الأثر البيئي بعد انتهاء الصراع، وتحليل مخاطر الصراع لتوقع الصراعات المستقبلية وتأثيراتها على الاستدامة.

ويوفر هذا المفهوم أيضا نهجا استراتيجيا لإدارة العلاقة بين الصراعات والاستدامة من خلال التدابير الوقائية والمستقبلية والتفاعلية. ويهدف إلى دمج الاستدامة في منع الصراعات وإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الصراع، واستكمال أدوات مثل التقييم الاستراتيجي للبيئة (SEA) وتقييم الأثر على البيئة (EIA)، التي لا تحلل عادة حالات الصراع.

إن إضفاء الطابع المؤسسي على إطار مفهوم المعلومات البيئية لأجل الاستدامة يثير تساؤلات حول المسؤولية والتمويل. ومع ذلك، فإنه يوفر فرصة للبلدان الأفريقية لإعطاء الأولوية لبرامج الاستدامة على النفقات العسكرية المكلفة. ومن الممكن ربط هذا الإطار بسندات الاستثمار المربوطة بالأوراق المالية التي يصدرها البنك الأفريقي للتنمية، وهو ما من شأنه أن يجتذب الاستثمار الخاص لدعم التنمية المستدامة وإزالة المخاطر في المشاريع في المناطق المتأثرة بالصراع. ومن خلال التركيز على التدابير الوقائية والتفاعلية، يمكن لإطار هذا المفهوم أن يساعد في الحفاظ على رأس المال الطبيعي لأفريقيا، وبناء بنية تحتية مرنة وتعزيز التنمية المستدامة في أفريقيا.

لمزيد من استكشاف هذا الموضوع، يرجى قراءة الأوراق الآتية التي نشرها الدكتور أ. دورسوما (باللغات الأجنبية)

زعتها APO Group نيابة عن African Development Bank Group (AfDB).